الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم اما بعد
إن الطيب صالح ترك بصماته الواضحة في الحياة العامة السودانية وعرف بها العالم الخارجي من خلال روايات جسدت نبوغه الفكري والأدبي وكان ذا قامة أدبية وإعلامية سامقة.
واستطاع أدب صالح أن يعبر عن سمات البيئة العربية ولاسيما السودانية كاشفاً عن قيمها ومفرداتها الإنسانية ومعالمها وطقوسها ولهجتها وآمال أبنائها في نسق سردي مقدماً نفسه مبكراً كأحد أبرز الكتاب العرب الذين يستحقون التقدير والالتفات.
عمل الطيب صالح لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي ثم في الإذاعة السودانية وبعدها في وزارة الإعلام القطرية لينتقل بعد ذلك للعمل مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس كما شغل منصب ممثل اليونسكو في دول الخليج ومقره قطر.
والطيب الصالح الذي تم ترشيحه للمرة الثانية من قبل كتاب سودانيين وعرب للحصول على جائزة نوبل لهذا العام، من اكبر الادباء العرب في القرن العشرين واشهرهم اثر ترجمة روايته الشهير الى 56 لغة واختيارها في 2002 من بين اهم مئة رواية في تاريخ الادب العالمي وهو عبقري الرواية العربية
ولد الطيب صالح في قرية كرمكول شمال السودان عام 1929 ثم انتقل الى الخرطوم حيث التحق بالجامعة التي لم يتم دراسته فيها. وفي 1952 غادر السودان الى بريطانيا حيث عمل في القسم العربي في هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) وشغل منصب مدير قسم الدراما.
وانتقل صالح بعد ذلك للعمل في قطر ثم عاد ليتولى منصبا دوليا في مقر المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم في باريس.
بدأ الطيب صالح يكتسب شهرة كروائي متميز في 1966 عند صدور روايته موسم الهجرة الى الشمال" عن دار العودة في بيروت. وقام كبار النقاد العرب بالكتابة عن روايته. وقد ابرز قيمتها الادبية خصوصا الناقد المصري الراحل رجاء النقاش مما دفع بها لواجهة الادب العربي باعتبارها واحدة من اهم الروايات العربية المعاصرة.
وتعد "موسم الهجرة إلى الشمال"وهي من أفضل 100رواية في العالم من الاعمال العربية الاولى التي تناولت لقاء الثقافات وتفاعلها وصورة الاخر الغربي بعيون الشرقي والغربي بعيون الاخر الشرقي الذي ينظر اليه كشخص قادم من عالم رومانسي يسوده السحر ويكتنفه الغموض.
وقد تطرق الطيب صالح في روايته الى هذه العلاقة من خلال شخصية بطلها السوداني الذي يذهب ليدرس في العاصمة البريطانية لندن. وهناك يضيف الى جانب تميزه وذكائه العقلي وتحصيله الجامعي العالى رصيدا كبيرا في اثبات فحولته الجنسية مع نساء بريطانيا الذين احتلوا بلاده مع تقديم صورة ساحرة عن الحياة في المجتمع الريفي السوداني. وفي عام 2001 اعتبرت الأكاديميا العربية في دمشق ان روايته موسم الهجرة الى الشمال هي الأفضل في القرن العشرين.
كما كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة منها عرس الزين ومريود وضو البيت إلى جانب مجموعات قصصية قصيرة عدة.
و أخيرآ.. الطيب صالح هو علامة فارقة في المسيرة الروائية العربية. وقد لاقت أعماله القصصية والروائية رواجاً لم يتمتع به كثير من الكتاب والأدباء العرب، ووجد النقاد في أعماله الروائية فتحاً جديداً في ميدان الرواية العالمية ،
لذلك احببت ان أكتب عن كاتب عظيم مثل الطيب صالحل
صديقكم :محمود أحمد السهيلي
أتمنى لكم التوفيق