لافتة: مشهد العبودية:
إن أحد معاني الإسلام الاستسلام لأمر الله تعالى فالمؤمن الصادق يرى نفسه عبدا لربه عز وجل، لا يملك إلا أن يصدر عن أمر سيده ينتظر التكليف "افعل أو لا تفعل" ظهرت الحكمة له من وراء ذلك أم لم تظهر {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا} [الأحزاب: 36]، {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، والمتأمل في مناسك الحج وأفعاله يظهر له بوضوح مشهد العبودية، فالحاج هنا يحرم، وهنا يصلي، وهنا يطوف، يقوم في هذا المقام وينزل بذلك، ويبيت بتلك البقعة، حجر يطوف به "وهو الكعبة"، وآخر يقبله "وهو الحجر الأسود"، وثالث يرميه "وهي الجمرات"، عبودية واستسلام لأمر الملك العلاّم، وأشرف مقام يقومه الإنسان مقام العبودية {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الإسراء: 1]، فلم يُزكى نبينا في هذا الموضع بأفضل من وصفه بالعبد لله تعالى.
ومــما زادني شــرفا وتيـهـا *** وكدت بأخمصي أطأ الثُريا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صيرت أحـمد لي نبيا
لافتة أخيرة: رسالة إلى من لم يحج هذا العام
انو، اخلص، اعزم، ثق بربك وتوكل عليه، وكن على يقين برحمة ربك، تؤجر بإذن الله تعالى.
قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» [متفق عليه]، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال وهم بالمدينة حبسهم العذر» [رواه البخاري].
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد *** سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا
إنا أقــمنا عـلى عـذر وقد رحتم *** ومن أقـام علـى عـذر كمـن راحــا
ثم دونك العشر الأول من ذي الحجة لا تمل من الاجتهاد فيها بطاعة الله؛ عسى الله أن يكتبنا جميعا من المقبولين.
والحمد لله رب العالمين